الأربعاء، 5 سبتمبر 2018

فيديوهات الإعجاز العلمي بلغات العالم

فيديوهات الإعجاز العلمي بلغات العالم
نرجو نشر هذا المشروع الجديد لأحبتكم في الله وهو عبارة عن مقاطع فيديو قصيرة في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة ب 16 لغة.. اضغط على الرابط الخاص بكل لغة:
الإعجاز العلمي باللغة العربية
https://bit.ly/2LNpxIM
الإعجاز العلمي باللغة الانكليزية
https://bit.ly/2wB0xP7
الإعجاز العلمي باللغة الفرنسية
https://bit.ly/2wAM85D
الإعجاز العلمي باللغة الألمانية
https://bit.ly/2otDkLf
الإعجاز العلمي باللغة الإسبانية
https://bit.ly/2PVcmbM
الإعجاز العلمي باللغة الإندونيسية
https://bit.ly/2MEHwX7
الإعجاز العلمي باللغة الروسية
https://bit.ly/2N6DPc5
الإعجاز العلمي باللغة الفارسية
https://bit.ly/2wDtrOz
الإعجاز العلمي باللغة التركية
https://bit.ly/2wAQcTq
الإعجاز العلمي باللغة الصينية
https://bit.ly/2MFWCvo
الإعجاز العلمي باللغة الماليزية
https://bit.ly/2wCJg8r
الإعجاز العلمي باللغة الأوردية
https://bit.ly/2wBsuqO
الإعجاز العلمي باللغة الإيطالية
https://bit.ly/2LPFy0y
الإعجاز العلمي باللغة الهندية
https://bit.ly/2MJgCNS
الإعجاز العلمي باللغة اليونانية
https://bit.ly/2N2u52H
الإعجاز العلمي باللغة العبرية
https://bit.ly/2wBSsd4

نسأل الله تعالى أن تصل هذه المعجزات لكل نقطة يبلغها الليل والنهار.... مصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام: (ليبلغنّ هذا الأمر - أي الإسلام - ما بلغ الليل والنهار) [رواه ابن حبان في صحيحه].. ومصداقاً لقوله سبحانه وتعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }  [التوبة:  32]... مع رجاء النشر.. وجزى الله الجميع خيراً...

إقرأ المزيد Résuméaladdin

الخميس، 26 يوليو 2018

بادروا بالأعمال سبعاً

إقرأ المزيد Résuméaladdin

الاثنين، 7 ديسمبر 2015

زبدة الرفاهية وآلة الزمن

زبدة الرفاهية وآلة الزمن
بقلم رشيد ثابت



"دلِّلْ نفسك". هكذا يقول إعلان زبدة الرفاهية...

أما في قصة الخيال العلمي "آلة الزمن" لمؤلفها "ويلز" فيسافر المخترع عبر الوقت إلى المستقبل ويصل لمرحلة متقدمة جدًّا من التاريخ البشري. في تلك المرحلة كانت البشرية قد قطعت أشواطاً طويلة من التقدم المادي والانحدار الأخلاقي؛ ولأن المؤلف ابن لعصر الثورة الصناعية فقد تنبأ بالمستقبل المظلم للنوع الإنساني من خلال أمراض عصره. في عصره كان هناك عمال تسحقهم الرأسمالية بساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة والبعد المستمر عن أفراد أسرهم بسبب استبداد أرباب العمل ونهمهم. "ويلز" جسَّد تفاقم هذه الظاهرة لمرحلة في المستقبل يتحول فيها صنف العمال هذا إلى مخلوق قردي متوحش . "المورلوك" في رواية "ويلز" لا يعيشون إلا في معامل تحت الأرض تنتج ليل نهار؛ ويعيش على سطح الأرض مستهلكون منعمون مدللون تطوروا إلى صنف آخر من البشر المترف المرفه اسمه "الإلوي". لكن لم تكن هذه القطبية المنحازة للإلوي إلا صورة ظاهرية تخفي جحيماً مرعباً؛ فالإلوي استغنوا باجتهاد المورلوك عن القوة واستغنوا بآلات المورلوك عن استعمال عقولهم. أما المورلوك فعرفوا كيف ينتقمون من زبائن الثورة الصناعية من المستهلكين المرفهين المترفين واقتصُّوا لأنفسهم ولأبائهم وأجدادهم بأن صاروا من أكلة لحوم "الإلوي"!

كان المورلوك ينسجون ملابس زاهية الألوان للإلوي ويضمنون لهم غذاءً شهيًّا من أطايب الفاكهة؛ لكن لم يكن هذا دلالاً للإلوي بقدر ما كان المورلوك يدللون أنفسهم...

من قصة "ويلز" نتعلم أنه حين يدللك العدو فعليك أن تفهم أنه فقط يجهز لنفسه شروط وليمة أكثر إثارة وألذ مذاقاً! فلا المورلوك جاد بإسعاد الإلوي؛ ولا الفلاح الدنماركي يريد إسعاد البقرة حين يعزف لها الموسيقى في إعلان زبدة الرفاهية؛ ولا تريد الشركة الصانعة أن تدلل الجمهور العربي المغفل بزبدتها وقشدتها. هي تريد ثمن الزبدة يا أمتي الذاهلة وحسب!

والأمة التي تأكل زبدة من يحقرها ويهينها وتدفع له ثمنها بالعملة الصعبة هي أمة في حال بائسة أكثر من "الإلوي" في ثيابهم الزهرية! فهل بلغ الخور بنا مبلغاً نعجز فيه عن إعلان موقف من مواد غذائية نستطيع الاستغناء عنها بكل سهولة؟! لماذا لا تتعلم الأمة من غزة التي لا تدخلها ثلاثمائة وألف من السلع فقط! ربما لأن الهمم تقاعست وتخامدت؛ وربما لأننا تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بل سكتنا عن شيوع المنكر ولم نكترث بتواري المعروف؛ بل تجاهلنا وقوع الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف؛ وأخيرًا جاء في الأخبار أن أحد المحسوبين على المشايخ زورًا وبهتانًا تطوع لإعلان أن مقاطعة منتجات الدنمارك يحتاج إذنًا من ولي الأمر؛ فصار أكل الزبدة فعلاً من أفعال الطاعة والوحدة والامتناع عن مفارقة الجماعة!

في المرة الأولى لفَجْرة الصحافة الدنماركية خرجت حملة "إلا رسول الله" وكان التفاعل الشعبي والإعلامي قويًّا نسبيًّا؛ لكن لا تكاد ردود الأفعال الآن ترقى إلى عشر معشار ردة الفعل الأولى؛ مع أن الهجوم سافر ووقح أكثر من المرة الماضية بكثير! إذ يبدو أن أولويات زبدة الرفاهية تسبق ثوابت الأمة عند المعنيين من ممولي وموجهي الإعلام العربي المعروفين! ويبدو أن سقف الخَوَرْ يهوي بسرعة بحيث أن ما كان غير كافٍ ومنقوصًا منذ عام أو عامين صار موقفًا كبيرًا و"راديكاليًّا" في أيامنا الهانئة هذه!

والله العظيم لو لم تكن هناك رسوم مفحشة ولو لم يقرر الإعلام وأحزاب اليمين في الدنمارك إعلان هذه الحرب القذرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكفانا عارًا أن أمتنا تشرب من ألبان الفرنجة! أمة عاش أباؤها وأجدادها أعواما عديدة وأزمنة مديدة لا ينالون شبعًا إلا من حليب الناقة؛ ولا نجد من يسقي لنا ويطعمنا اللبنة إلا في الدنمارك؟! هذا أمر لا يسوءُ التاريخ الإسلامي ورجالاته وأجياله عبر العصور وحسب بل إنه يجرح رموز الجاهلية في سويداء أفئدتهم! فيا فضيحة المهلهل التغلبي حين يعرف أن قيمة الحليب البلدي قلت أكثر بكثير عن قيمته في أيامه وأيام أخيه كليب الذي قتل في سهم أصاب ضرع ناقة البسوس! ويا لشماتة جساس بن مرة فيكِ يا تغلب!

على الأمة أن تستيقظ قبل أن تبوء بعار الدهر! وعليها أن تدع تمثيل دور "الإلوي" في دراما الهزيمة والخذلان! ولنحطم قيود الاستسلام إلى مدافن الهزيمة ولتكن البداية من الانتقام لخير من مشى على أرض محمد صلى الله عليه وسلم... أبي القاسم الذي لن تفيه الكلمات حقه وقدره ثناءً وتبجيلاً وهو الذي مدحه رب العزة وأثنى عليه بتوكيد مضاعف فقال عنه في كتابه العزيز "وإنك لعلى خلقٍ عظيم"! وليكن هذا الانتقام بمقاطعة كل ما تنتجه الدنمارك من بضائع – القائمة طويلة للأسف من الألبان إلى الحلويات والأطعمة وغير ذلك كثير – ولتعمل الفعاليات الشعبية والمشايخ والعلماء - الحقيقيون لا الكَذَبَة المفطومون على منتجات "آرلا" - على قرن استهلاك المنتجات الدنماركية بالسكوت التقريري على الإهانة الموجهة لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم؛ على ما في ذلك من تبعات شرعية!

الدنمارك لم تنتصر لحرية الإعلام بل انتصرت لأمراض نفسها وأحقادها الصليبية ضد الإسلام – هذه الأحقاد التي لم ينفع في علاجها إلحاد القوم وتركهم لأناجيلهم وكنائسهم - ولذلك لا بد من رد هذه الهجمة بهجمة مثلها لا تقل إصرارًا؛ ولتكن الرسالة أننا قررنا أن لا ندلل أنفسنا؛ وسنخشوشن قليلاً وسندع لبنكم لكم تشربونه كله أو تريقونه على قارعة الطريق جزاء وفاقًا على فاحش صنيعكم! 

أخي المسلم: لا تدلل نفسك! وصدقني لن تخسر إلا بعض الشحوم وستكسب احترامك لنفسك ولأمتك!
إقرأ المزيد Résuméaladdin

الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

فلسطين واليهود

محمد البشير الإبراهيمي (ت 1384هـ - 1965م)
نشر سنة (1373هـ - 1954م)
 
كارثة فلسطين من أعمق الكوارث أثراً في نفوس المسلمين الصادقين، وجميع الكوارث التي حلت بالمسلمين عدل من الله، تخفى على البسطاء أسراره، وتظهر للمتوسِّمين أسبابه، إلا قضية فلسطين، فإنَّ وجه العدل الإلهي فيها واضح مسفر، ذلك أنَّ العرب ومن ورائهم المسلمون لم يؤخذوا فيها على غرة. بل كانوا يحيطون علماً بنيات اليهود ومطامعهم في إقامة دولة في أرض الميعاد، وتحقيق حلمهم القديم الذي تزودوا به من يوم خرجوا من فلسطين أذلة صاغرين في سبي بابل، وما زالوا يغذون أبناءهم جيلاً بعد جيل بعودة ملك إسرائيل إلى بنيه، ويسندون أوهامهم فيه إلى نصوص دينية، ووعود إلهية على لسان بعض أنبيائهم، افتراها أحبارهم، وأيدوها بتلك الوعود المصطنعة؛ لترسخ في مستقر العقائد من أبنائهم، ويتوارثونها فيما يتوارثون.
 
إن أجدادنا لم يأخذوا فلسطين من يد اليهود، وإنما أخذوها غلاباً من أيدي الروم، وحرَّروها من استعمارهم، وفي تحريرها تحرير لليهود أنفسهم، فماذا ينقم اليهود منا؟ ولماذا ينتقمون منا؟ ولماذا يجزون إحساننا لهم بالإساءة؟ ولماذا يستعينون علينا بأعدائنا وأعدائهم؟ إنه اللؤم المتأصل، والأنانية المركبة في الطباع المريضة، إن اللؤم قرين الضعف ودليله، فحيث ترى ضعف الطباع ترى لؤم الطباع، وقد جرت الدولة الإسلامية في تاريخها الطويل على معاملة اليهود بالحسنى؛ معاملة إلا تكن معاملة عمرية، فهي بمقربة منها إلا في الفرط والندرة، حينما ينقض اليهود عهداً، أو يظاهرون عدوًّا، وما أكثر ما يقع منهم ذلك؛ لأنه طبيعي فيهم، لا يكادون يصبرون عليه...
 
التاريخ في سلسلته الزمنية الطويلة يشهد أن بني إسرائيل لم يكن لهم ملك مادي في فلسطين ولا في غيرها، كالذي تتأثَّله الأمم بالقوة والغلبة، وإنما كان لهم في فلسطين وما حولها من أرض الكنعانيين سلطان ديني أساسه النبوات، تسانده من القوة المادية ما تحتاج إليه الدعوات الدينية عادة، وما يظهر به ذلك السلطان الديني من مظاهر الملك المادية، ولكن ذلك الملك، وذلك المظهر، لا يخرج عن نطاق الدين المؤيد بالعلم والحكمة، كما وقع لداود وسليمان، فملكهما كان دينيًّا محضاً، وهل يحتاج بناء الملك المادي في مألوف العادة إلى تسخير الجند والطير والريح؟ وقد انقضى ذلك النوع من الملك بانقضاء زمنه، ولم تجر به سنة الله في الأمم والملوك، وكل ما يذكر عن ملوك بني إسرائيل فهو متأثر بذلك النوع، أو مصبوغ بصبغته، وفيما عدا تلك الفترات الدينية التي كان يقوم فيها الملك على الدين، أو يؤيد فيها الملك بالخوارق، أو يعضد بالعلم والحكمة، فإنَّ بني إسرائيل لم يظهروا في التاريخ كأمة مدنية تستطيع بمؤهلاتها البشرية، ومواهبها الفطرية المشاعة بين الأمم، أن تقيم دولة، أو تؤسس حضارة ذات خصائص جنسية منتزعة من الطبيعة الإسرائيلية، من غير اعتماد على عامل خارجي عبر الخوارق، وقد دعاهم موسى إلى الملك، وأكَّد لهم ذلك بوعد الله بعد أن يقوموا بالأسباب العادية، التي لا يقوم الملك إلا عليها، وأهمها الغلاب، والقتال في سبيله، فأبوا عليه، وعَنَّتوه جرياً على الطبيعة المتأصلة فيهم؛ من الجبن، والمذلة، وحب المكسب المادي الميسر الهنيء، وقالوا له تارة: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22] وقالوا له مرة أخرى:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]. وقد لقى موسى الألاقي في سبيل دعوتهم إلى دخول الأرض المقدسة، وإعدادهم للملك، وفهم سنن الله فلم يفلح.
 
واليهود في أخلاقهم النفسية، وطبعهم الأصيل شعب أناني، يحب الاستئثار بالفضائل الإنسانية، من دون أن يعمل لها، أو يضحِّي في سبيلها، ليذهب به الغرور كلَّ مذهب في تمجيد الجنس اليهودي، واصطفاء الله له على الشعوب، إلى درجة أن دماء الأمم الأخرى وأموالهم كلها مباحة له؛ لأنها مخلوقة لأجله، وتملك الغير لها إنما هو اعتداء وغصب، فسرقة أموال الناس في نظرهم ليست سرقة، وإنما هي استرجاع لحقٍّ كان مغصوباً، وهم ينتحلون لذلك نصوصاً من وضع أحبارهم، ولكنهم يسندونها إلى الله، ويسوقونها في صورة تدليل من الله بجنسهم، ويجادلون الله فيها، كما يجادل الكفء الكفء، حتى قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18]، والأحباء هم قرابة الملك أو المقربون منه. وقد مرَّت بهم في تاريخهم فترات ترتفع فيها يد الله عنهم، ويوكلون إلى أنفسهم، فيضيع تدبيرهم، ويتكشفون عن جهل بتدبير البيوت، فضلاً عن تدبير الممالك والدول، وينتاهبهم الأقوياء من الفرس والرومان، فيبيدون خضراءهم، ويستبيحون حرماتهم، ويتقاسمهم السيف والتشريد والسبي، فلا يذهبون في ذلك إلى تعليله بعلله المعقولة، ولا يرجعون فيه إلى موازين صحيحة من أحوال الأمم، ولا يفقهون أن سنن الله تنالهم، كما تنال غيرهم، وإنما يقولون: ملحمة كتبها الله على بني إسرائيل. كلمة يقولونها كلما أحاطت بهم خطيآتهم، والتحمتهم الأمم، وذاقوا عواقب الأنانية، والكيد، والاغترار، واحتقار الأمم، وعدم الاعتبار للسنن الإلهية، ولاعتبارهم الملك وعزة الحياة استحقاقاً إلهيًّا، لا نتيجة للجهاد والقراع.
 
 لم يشهد لهم التاريخ موقف دفاع عن حوزة، ولا سجَّل لهم صفحة واحدة في حماية حمى، أو ذود عن حرمة وطن حازوه في ظل النبوة، ذلك أنَّ اليهود لا وطن لهم، ولا وطنية في طباعهم بمعناها المعروف عند الأمم، فادعاءهم للوطن القومي تدجيل وتضليل، وإنما الوطن القومي حلم دعا إليه منهم المهووسون، جرياً وراء أخيلة من الماضي العريق، من غير تبصر في طبائع الأشياء، وأَلْهية ابتكروها لهم؛ ليسلوهم بها عن المصائب التي جرَّتها عليهم أنانيتهم، وشيء زيَّنته لهم التطورات المتلاحقة في العالم، والداعي الأصيل إلى ذلك في نفوسهم هو حب المال؛ إذ كل شيء عند هؤلاء القوم- ما عدا المال- هو وسيلة لا مقصد في الفلسفة اليهودية، وقد كذبوا وعد الله لهم على لسان موسى من أن الأرض المقدسة كتبها الله لهم، وكتب لهم فيها التمكين إذا أخذوا بأسبابه، وأهمها القتال، وهم لا يحبون القتال؛ لأنه يؤدي إلى القتل، وهم أحرص الناس على الحياة.
 
ولو أن أمة غير الأمة الإسرائيلية كانت سليمة الفطرة، وكانت سليمة النفوذ من آثار الاستعمار الفرعوني الطويل، سمعت من نبي كموسى عُشر ما سمعه بنو إسرائيل من موسى؛ من وعد الله إياهم بالملك والتمكين، إذا أخذوا بأبسط الأسباب لذلك- لأقبلوا على الموت مستبشرين، ولكن بني إسرائيل كذَّبوا وعد الله، ولم تفدهم مواعظ موسى في تلك القلوب الغلف، وفي تلك النفوس التي قتل الذل منها كلَّ عرق يخفق بالعزة، وما هو إلا أن جاوزوا البحر، وأهلك الله عدوهم وهم ينظرون، حتى حنُّوا إلى ما كانوا عليه من ذلٍّ، واستعباد، ووثنية، هي من آثار الذلِّ، والاستعباد الطويل، فأغواهم السامري، واتخذوا عجلاً من ذهب وعكفوا عليه وقالوا: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} [طه: 88]، وقالوا لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]، وإنك لا ترى في تاريخ الأمم النفسي أخلاقاً أفسدها الاستعباد، ولم ينجح فيها علاج الأنبياء ولا معجزاتهم، وهم أطباء الأرواح المريضة، كما ترى في أخلاق هذه الأمة المتبجحة باصطفاء الله لها دون الأمم.
 
سقنا هذه الكلمة القصيرة المجردة من التنسيق التاريخي لنرى أن هذه الأمة ليست أمة ملك في تاريخها الطويل، وأنها لا تملك وسائله التي يملكها غيرها، فإذا قام لها ملك، ففي ظل النبوة والخوارق، وهي وسائل غير كسبية، وإذا تقلص عليها ذلك الظل، تداعت عليها الأمم، وأوسعتها قتلاً وسبياً وتحيفاً، ولم يزل هذا دأبهم إلى أن جاء الإسلام.
جاء الإسلام، وكان من مقاصده الأولى بناء المملكة الإسلامية على صخرة السنن الإلهية، والأسباب والمسببات، لا على الخوارق، وكان من مقاصده نشر هدايته وفضائله في أرض النبوات الأولى، بعد تطهيرها من الجبروت الروماني، ومن الاستخذاء اليهودي، وإنا لنتلمح في قصة الإسراء والمعراج - وهما من صنع الله – ثم من اتجاهات نبي الإسلام وتوجيهاته- ما يشعر بأن فتح الإسلام لمواطن الأنبياء ومدافنهم كان هو المقصد الأول للإسلام، وكأن خروج النبي بنفسه إلى تبوك من طريق الشام رمز إلى ذلك، وإيحاء به، وإنذار للرومان، ثم نتلمح في تجهيزه لجيش مؤتة لقتال الروم، ومن يواليهم من العرب والأنباط في مشارف الشام- أنه خطوة ثانية، ثم نتلمح في تجهيزه لجيش أسامة، وهو في مرض موته- تأييداً لتلك المرحلة، وكلها إنذارات للروم حققها ما بعدها.
 
تم فتح المسلمين لفلسطين في أيام عمر، وإن هذا الفتح كسائر الفتوحات الإسلامية يحمل الهدى والسلام، ويفتح الأذهان قبل البلدان، وكان ينطوي على معنى الثأر لموسى ودينه وقومه اليهود لو كانوا يعقلون، فقد قطع دابر الرومان ودولتهم من فلسطين، وطهرها من ظلمهم، واستعبادهم لليهود، فلم يروا ناصراً قويًّا مثلما رأوا في الإسلام، لو كانوا يقدرون النعمة ويشكرونها، وبفتح المسلمين لفلسطين، وفيها بيت المقدس، رجع إرث النبوة إلى النبوة، واجتمعت مساجد الإسلام الثلاثة في يد واحدة قوية، قادرة على حمايتها، وعادت القبلة الأولى إلى الوجوه التي كانت تستقبلها، وإلى النفوس المطمئنة لعبادة الله وحده فيها، وإلى الأيدي القادرة على حملها، وإلى أبناء العم، لو كان اليهود يرعون للأرحام حرمة، وفي فتح أصحاب محمد لبيت المقدس تتجلى الفروق بين الطبيعتين العربية واليهودية، وشتان ما بين من يبذل مهجته في سبيل الله، وتثبيت دينه الحق في الأرض، وبين من يكذب وعده، ويشترط على رسوله، ويتألَّى عليه أن يؤتيه الملك والعز، وهو نائم ناعم، ويستعلي على خلقه.
 
قضية فلسطين في جوهرها، وحقيقتها، واعتبارها التاريخي- قضية إسلامية، من حيث إن فيها المسجد الأقصى، ثالث المساجد المقدسة في حكم الإسلام، وهو أول قبلة صلَّى إليها المسلمون قبل الكعبة، ولئن نسخ هذا المعنى فإن الخصائص الأخرى من الاحترام الديني، وشد الرحال إليه لم تُنسخ، وإن المتوسمين في آيات الله، المستخرجين لدقائق الحكم منها، يتلمحون من الأسرار في اختيارها قبلة أولى، وفي كونها كانت نهاية للإسراء، وبداية للعروج- ما يضعها في موضع من الاحترام، يوجب الدفاع عن مشاعرها، ودفع كلِّ معتد على حرماتها أن تدنس بوثنية، وتطهيرها من كل من يريد بها شرًّا، أو يريد فيها بإلحاد، وأنها ميراث النبوة، وضعه الله في أيدٍ قادرة على حمايتها، وقد دافعت عنها بالفعل، وأقامت البرهان على اضطلاعها بحمايتها، مدة أربعة عشر قرناً كاملة، وحاربت عليها أمم الأرض، وما سلبها الله من اليهود، وأورثها المسلمين إلا لأن اليهود كانوا أعجز الناس عن حمايتها.
 
ومن حيث إن فيها الصخرة التي هل أول محطة لاتصال الأرض بالسماء، ذلك الاتصال الذي كان سبباً فيما فاض على الأرض من بركات السماء، ولو شاء الله لكان المعراج بعبده محمد من مكة التي هي موطنه، ولكن كانت له في هذه الرحلة الأرضية حِكم، ولنا فيها عبر، فقد كانت رمزاً إلى أنَّ ملك الإسلام سيتسع حتى يبلغ في مرحلته الأولى ممالك النبوة قبله، ومواطنهم، ومواطئ أقدامهم، ومدافنهم، وسينشر فيها هدايته، وسيبسط عليها حمايته، وكذلك وقع، ومواريث النبوة لا يستحقها إلا الأنبياء، والمضطلعون بها من أممهم، ولقد قال صلى الله عليه وسلم: (زويت لي من الأرض، فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها).
 
من التزوير على التاريخ أن يقال: إن اليهود احتلوا فلسطين بالقوة العسكرية، كما يحتل القوي الغالب أرض عدوه الضعيف المغلوب. إلا أن كلمة الحق التي يقف الواقع بجنبها شاهداً لا يكذب- هي أن ملوك العرب وزعماءهم، المتحكمين في مصائرهم، المنفذين لإرادة المستعمر- هم الذي سلَّموا فلسطين لليهود، سائغة هنية، وحققوا للإنجليز غايتهم، وما شرطه اليهود عليهم؛ من تسلم فلسطين فارغة من العرب، كما تُسلَّم الدار المبيعة فارغة من الساكن، فاصطنعوا لذلك التسليم المقرر وسائل وأعذاراً؛ من التخاذل والمشاكسات بين القادة العسكريين، حتى تمَّ الأمر بذلك التسليم المهين، وكلُّ ذلك تمَّ وفق خطة مدبرة، متصلة الحلقات من الإنجليز وأعوانهم منا، في مقابلة نفع مادي شخصي زائل، ومناصب مضمونة، لعدة رجال من العبيد، باعوا قومهم بتلك الوظائف، وما زلنا نراهم رأي العين يتقلبون في تلك الوظائف الذليلة، وينفذون أغراض الاستعمار، ويدافعون عنها، وقد حنَّ لهم الدهر، فنالوا ما نالوا. فيا ويحهم أن عقَّهم الدهر وصحا من تلك اللوثة، وما صحوُه منها ببعيد، وما مصرع فاروق وعبد الله ببعيد من الذين باعوا فلسطين بالثمن الزهيد، ومهما تكن تلك الوظائف مضمونة من الإنجليز، فإن وراءها الموت والعار والسبة الخالدة، ووراءها هبة الشعود وثورات المكبوتين.
 
أما الصهيونية فهي قديمة ولقد كانت مرحلتها الأولى نسيجاً من أحلام وخيالات وأماني، ولكن كثرة ملابسات القائمين بها للدول الاستعمارية نقلتها من طور إلى طور، حين وجد كل من الاستعمار الأوروبي والصهيونية في صاحبه عوناً ومساعداً على أغراضه، ولم تزل المصالح المادية تقرب بينهما حتى اجتمعا في بعض النقط، فتعاهدا على تقارض العون والمساعدة إلى نهاية الشوط، وصاحب ذلك ضعف الشعوب العربية وإحباطها وجهلها، فكان ذلك كله معيناً على تنمية الفكرة، وجاءت الحرب العالمية الأولى والعرب على تلك الحالة، فاتفقت دول الاستعمار على تشتيت العرب، وتمزيق أوطانهم، واستغلال الكنوز التي يجهلونها في أرضهم وأهمها البترول، ولما كان نظر الاستعمار بعيداً، وعلم أن انتصاره في تلك الحرب يضمن له تشتيت العرب، وتمزيق بلادهم، ولكنه لا يضمن له بقاءهم على تلك الحالة طويلاً، فرأى أن يرميهم بالداهية الدهياء وهي تحقيق الوطن القومي لليهود.
 
اختيار موقع الدرر السنية:www.dorar.net
المصدر: (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي), دار الغرب الإسلامي، ط1، 1997م. ((4/393)).
إقرأ المزيد Résuméaladdin

الاثنين، 12 أكتوبر 2015

الثالثة... ثابتة





د. محمد العوضي


في الأمثال الشعبية السائرة يقولون: «الثالثة ثابتة».
ويقصدون أن المحاولة الأولى خابت والثانية لم تصب الهدف فإن التفاؤل بالثالثة كبير أملاً أن تحقق أهدافها.
تذكرت هذا المثل مع اندلاع انتفاضة جديدة في فلسطين الجريحة المغدورة.

وكلمتي اليوم أوجهها إلى شباب الانتفاضة الثالثة في فلسطين، أوجه لكم تحية افتخار وحب واقول لكم:
سجل التاريخ انه في العام 1987 اندلعت انتفاضة أولى سميت انتفاضة الحجارة بعد قيام شاحنة إسرائيلية عمداً بدهس عمال فلسطينيين على حاجز إيريز.
كانت هبة ثورية ملهمة لكنها وللأسف انتهت رسمياً في 1993 باتفاق العار أوسلو.
وسجل التاريخ انه في العام 2000 اندلعت انتفاضة ثانية سميت انتفاضة الأقصى، بعد إقدام الجزار المقبور شارون على تدنيس ساحات المسجد الأقصى رفعتم فيها السلاح وقدمتم الاستشهاديين ولكن...
انهاها السياسيون في 2005 باتفاق هدنة شرم الشيخ، ويسجل التاريخ اليوم انه في العام 2015 تباشير اندلاع انتفاضة ثالثة تجاوزت أسبابها دهس الشاحنات واقتحام الباحات !!

انتفاضة... هي حصاد:
ثلاث حروب مدمرة على غزة، وحصار عبري عربي بلا أخلاق.
هي حصاد... جدار بل طوق عازل خنق وقطع مدن وقرى الضفة الى اشلاء، هي حصاد حرق عائلة الدوابشة وحرق كل قلوب الفلسطينيين والعرب والمسلمين على قدسهم الذي يقسم زمانيا ومكانيا، ولا يجد له من دون السياسيين والثورجيين المزعومين ناصرا سوى حرائركم. هي حصاد تآمر الأعداء بالأصالة وعبيدهم من أعداء التبعية والعمالة والولاء، مع تخاذل وعجز من أحسنتم بهم الظن وتوقعتم منهم العون والنصرة.

نعم... تجمعت كل أسباب انتفاضتكم الثالثة...

ولهذا فرسالتي لكم من ثلاثة سطور:
1- اطلقوا اسما ذكيا على انتفاضتكم يكون ملهما لنا ولكم.
2- وحدوا صفوفكم وبندقيتكم وانفثوا خبث المستأنَسين والمخذلين من اشباه القادة من معادلتكم.
3- احذروا كيد المؤامرات وبائس النهايات لانتفاضتكم المباركة، لاتسمحوا لهم بسرقة حلمكم وتضحياتكم بأوسلو وشرم شيخ أخرى...


انها انتفاضة... تحرير أوشهادة.

بوركتم وبورك جهادكم

والسلام عليكم ورحمة الله

د. محمد العوضي
mh-awadi @
إقرأ المزيد Résuméaladdin

الأربعاء، 7 أكتوبر 2015

شيخ الأزهر يجرجر مجمع البحوث إلي النار ويفتي بجواز الجدار


في تصرف يخالف الشريعة أصدر شيخ الأزهر بيانا أيد فيه جدار الفولاذ الذي تبنيه الحكومة المصرية لخنق الشعب الفلسطيني المسلم المحاصر في غزة، وزعم البيان -وليس الفتوى- كذبا أن الشريعة تقول بذلك وأن بناء مثل هذا الجدار من الحقوق الشرعية لمصر!!
لم يدلل شيخ الأزهر ومن وقعوا معه على البيان على هذه الفتوى السياسية المفصلة على الموقف المخزي للحكومة المصرية بآية قرآنية أو حديث نبوي.
لكن أخطر ما حواه هذا البيان هو أن من يعارض بناء الجدار خارج عن شريعة الإسلام حيث أشار البيان إلي "أن الذين يعارضون ذلك يخالفون ما أقرت به شريعة الإسلام من أن لكل دولة أن تصون حقوق أبنائها وتمنع كل عدوان على هذه الحقوق".
بالتأكيد ليس جديدا على الشيخ سيد طنطاوي تأييد الحكومة في كل مواقفها حتى لو كانت ضد الإسلام، لقد اعتدنا على تصريحاته ومواقفه الصادمة، التي لا تليق برجل دين و شيخ أكبر منارة للإسلام في العالم. لكن الجديد هذه المرة ان طنطاوي بدأ يفسد أعلى هيئة إسلامية في البلاد وهي مجمع البحوث الإسلامية وتحويل كوكبة من العلماء الذين نقدرهم إلي موظفين في لجنة السياسات يحركهم جهلة من السياسيين في الحزب الوطني الحاكم.
فهذا البيان وصياغته الركيكة كتبه مسئول سياسي وأعطاه لشيخ الأزهر ليوقعه و ليصدره باسم المجمع لمواجهة الضغط العربي والإسلامي بسبب فضيحة بناء الجدار الفولاذي. والجاهل الذي كتب هذا البيان لم يكتف بجواز بناء الجدار وإنما أراد نزع صفة الإسلام من الذين يعارضونه، وهذا نوع من الإجرام المفضوح وسخرية من الدين وعدم احترام للإسلام.

ويبدو أن الذي كتب هذا البيان السياسي هو ذات الشخص الذي كتب البيان السابق لمجمع البحوث الإسلامية والذي قرر سحب كتاب علمي في مقارنة الأديان للدكتور محمد عمارة بسبب شكوى من أحد النصارى المصريين وكتب فيه أن الأزهر "يؤمن بالمسيحية وبالمسيحيين في مصر وخارجها" في إهانة بالغة للأزهر الشريف.
ما صدر باسم مجمع البحوث عن حق مصر في بناء الجدار الفولاذي لم يبن قراره على أسباب مقنعة في قضية يتابعها كل أبناء الأمة ويعرفون عنها كل صغيرة وكبيرة، فلم ير كاتب البيان غير أن " هذه الأنفاق تهرب منها المخدرات وغيرها مما يزعزع أمن البلاد" ، وهذه من الأكاذيب التي لا تحتاج إلي إثبات، فالمخدرات لا تزرع في غزة، وما يحدث هو أن الحركة في هذه الأنفاق تسير في اتجاه واحد، من رفح المصرية إلي غزة وليس العكس، حيث يتم نقل بعض البضائع لإغاثة الأشقاء المسلمين الذين علىنا واجب نصرتهم، وهؤلاء الأشقاء هم خط الدفاع الأول عن مصر ضد الصهاينة ودعم صمودهم واجب وفرض عين على كل مسلم، وفك حصارهم من أولويات أمن مصر القومي.
لم يقل لنا كاتب البيان هل إصرار الحكومة المصرية على إغلاق معبر رفح وتجويع الفلسطينيين حلال أم حرام؟
ولم يقل لنا كاتب بيان مجمع البحوث لماذا ترفض مصر السماح بدخول قوافل الإغاثة القادمة من الخارج إلي غزة والتي لا تكلف الحكومة جنيها واحدا ؟

لماذا لم يقل لنا كاتب البيان ما هو حكم الشريعة في منع "شريان الحياة3" من الدخول من ميناء نويبع وتعذيب المئات من النشطاء الأجانب الذي جاءوا من كل أنحاء العالم لإغاثة شعب غزة وإجبارهم على الدخول من ميناء العريش ؟ رغم أنهم جاءوا في شاحنات وساروا آلاف الكيلومترات عبر دول أوربا قبل دخول سوريا ثم الأردن.
للأسف من يكتب هذه البيانات ليس لديه دراية بالشريعة ولا يحترمها، فهذا البيان نوع من الاستهانة بالدين واستخدام الإسلام لتحليل الحرام السياسي، وعلى العلماء أن يقفوا ضد هذا التلاعب وأن لا يرضوا بأن يكونوا أدوات لإضفاء شرعية على مواقف سياسية في واقع بعيد عن الإسلام ومناقض له.
لو سكت هؤلاء العلماء عن قول الحق ربما لكان لهم بعض العذر - وهم اعتادوا على ذلك في الكثير من القضايا- لكن أن يوقعوا على مثل هذه البيانات ويشاركوا في تحليل الحرام وتحريم الحلال وتشويه صورة الفتوى والحط من مكانة المجمع وجرجرته إلي نار السياسة المتصهينة فهذا ما لا نرضاه لهم.

مثل هذه البيانات تعد فضائح من العيار الثقيل، وهي تدين أهل الحكم قبل الشيخ طنطاوي ومجمع البحوث، فدين الله ليس لعبة، والجرأة في هذا الميدان ليست لعبة مأمونة العواقب.
إقرأ المزيد Résuméaladdin

ميزان الفجر

الفجر امتحان : بل أول امتحان يخوضه كل منا صبيحة كل يوم، لينجح فيه من وثب من فراشه صافَّا قدميه بين المصلين، ويرجع بالخيبة والخُسران من اختطفه الفراش الدافئ والنعاس اللذيذ، وما أقبح يوم بدأ بعصيان الله ومخالفة أمره.
الفجر أحبتاه .. شارة من شارات الشرف .. يقلِّدها الله زمرةً من عباده اصطفاهم من بين خلقه، ومِن شرف الفجر أن يسبقه نداء رب العالمين في ثلث الليل الآخر: هل من مستغفر .. هل من سائل .. هل من داع .. والمسيء غير مستحق لذلك الشرف لذا لا يشهده، لأن السلعة الغالية لا ينالها الراقدون، والجوهرة النادرة لا يظفر بها إلا المُجِدّون، فلا يقوم فجرًا إلا من ألبسه الله ثوب رضاه، واطلع على قلبه فعلم صدقه وتقواه، وما أقبح مقابلة الود بالجفاء، والرد على اللطف بالإعراض والسُبات.
والفجر ميزان : يوزن به الإيمان، ومؤشِّر أولي لرجحان كفة الحسنات أو كفة السيئات، ويستطيع به العبد أن يعرف به قربه أو بعده من مولاه، فمن رجحت كفة إيمانه انتبه من فوره لصوت الأذان، وإن خفَّت الكفة كانت الأخرى، وما انتباهة الفجر في حقيقتها إلا حصيلة يوم كامل من سعي العبد مختزلة في لحظة واحدة، وكأنك تطّلع على حصاد يومك وليلتك في انتباهتك فجرًا أو غفلتك، وتعلَّم أخي دقة الوزن وطريقة المحاسبة من عُمَرْ!!
أصابت عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمرة في رأسه أثناء رمي الجمار في موسم الحج، فماذا قال؟! قال: "جمرةٌ بذنب وما يدفع الله أكثر!!". ليسفر رضي الله عنه عن هِمّة عالية في مراقبة النفس وانتباهة فريدة في محاسبتها .. استحق معها أن تفر الشياطين بين يديه وتتوارى إذا رأت ظلّه من بعيد، ومرسيًا قاعدة التعامل ولغة الحوار الوحيدة التي يفهمها الأبالسة ومن أهلها يفرون.
إقرأ المزيد Résuméaladdin