الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

القضية الفلسطينية في طي النسيان العربي

علا محمود سامي | 5/11/1434 هـ
لم يكن يدري الفلسطينيون أو الشعوب العربية والإسلامية أن قضيتهم المركزية الأولى وهى القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الأقصى سيأتي عليها اليوم لتدخل طي النسيان، على الرغم من كل المؤامرات التي تحاك لفلسطين المحتلة، وعلى رأسها القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك.



غير أن هذا قد حدث بالفعل، ليس فقط في الوقت الحالي، ولكنه يمتد الى سنوات أخرى مضت ، ظل الاهتمام بالقضية الفلسطينية يترنح الى أن وصل بها الحال أن تدخل طي النسيان، على الرغم من حجم ما تتعرض له من مجازر على أي المحتل الصهيوني، وتآمر دولي، لتكون ثالثة الأثافي أن يكون خنجر طعنها من الدول العربية والاسلامية على كافة مستوياتها.



هذا ما يحدث حاليا، إذ لم تعد جامعة الدول العربية أو حكوماتها تهتم بالقضية الأساسية للعرب والمسلمين في الدفاع الحقيقي عن القدس أو دعم القضية الفلسطينية، ما جعلها تدخل طي النسيان بتعمد واضح أكثر منه أن يكون جهلا بما يدور، اذ أن ما تتعرض له واضح للعيان، وليس بحاجة الى توضيح أكثر للعيان.



والمؤكد أن الجهات الرسمية ظنت أن أكثر أشكال النصرة والدعم للقضية المحورية للعرب والمسلمين هو اصدار بيانات الشجب والاستنكار ، على نحو ما يبدو المشهد حاليا، اذا تعتمد ردود الفعل العربية والإسلامية على اصدار مثل هذه البيانات، وكأنها هى فقط وسيلة الدعم والنصرة للقضية يخطط لها صباح مساء، وفي السر والعلن.



وللتوضيح أكثر فانه وفي ظل انشغال العالم العربي بآلامه وجراحه في دول الثورات العربية التي يراد وهدها في مهدها دون أن تتحقق أهدافها، راح الصهاينة يعيثون في المسجد الأقصى المبارك فسادا ، ما بعده فساد بشرعية واضحة من القضاء الإسرائيلي، عندما أطلق لهم الحق في اقتحام المسجد الأقصى ودخوله في أي وقت ، ما جعلهم يصدقون ذلك بالفعل بتدنيسه بين الحين والآخر، وسط صمت دولي، وخذلان عربي، ودعم من القضاء والشرطة في الكيان الصهيوني.



والمؤكد أن تدنيس المسجد الأقصى المبارك، والعبث تحت أساسه بغية تهديده لن يكون الأخير، وخاصة بعدما وجد الكيان هذا الصمت العربي والانشغال الاسلامي بواقعه، حتى استشعر أن القضية الفلسطينية لم تعد في مقدمة اهتمامات العرب والمسلمين، بعدما انشغلوا بتحدياتهم، وألهتهم بشكل أو بآخر عما يخطط ويدبر للأقصى وعماره والقدس وسكانه، وكل فلسطين وشعبها.



وكانت المفاجأة الأبرز أنه أمام هذا الصمت المريب في عالمنا العربي والاسلامي، قد وجدنا من يذهب الى ما هو أبعد من الصمت ذاته، ويقفز فوق الشجب والادانة ليشيطن الشعب الفلسطينية ومقاومته الحرة، والتي هى عزه وشرفه، حتى صارت المقاومة الفلسطينية في عرف العديد من أجهزة ووسائل الاعلام العربية أنها العدو القادم للعالم العربي، وأنها تستحق الإبادة، وأن ما ترتكبه من جرائم يجعلها موضع جهة عميلة يمكن أن يتخابر معها أبناء الوطن العربي.



قد يبدو الأمر مقبولا عندما يصدر مثل هذا التوصيف في الكيان الصهيوني عبر اعلامه وساسته ، غير أنه لايمكن أن يكون مقبولا عندما يصدر من ألسنة عربية، كان بالأمس القريب تصدح بالقومية ، وتدافع عن العروبية، وتتهم الكيان بأنه العدو الأول لها، وأن اسرائيل لاتستحق سوى أن تلق في البحر.



هذه الشيطنة ساهمت بصورة أو بأخرى في جعل القضية الفلسطينية في ذيل الاهتمام العربي والإسلامي، بل كان تركيزها على صناع القرار في بعض دولنا، ما جعل وكالات الأنباء تنقل بين الحين والآخر عن اختراق طائرات عربية اخترقت المجال الجوي لقطاع غزة، وكانت الدهشة أكثر وأكثر عندما بات سكان القطاع يسألون هل يمكن دولة عربية أن توجه ضربة عسكرية لسكان القطاع، خاصة بعدما تعرض صيادون فلسطينيون الى اطلاق الرصاص من قبل جنود لدولة حدودية مع القطاع ، فأصيب منهم من أصيب، وتشرد منهم من تشرد بعد منعهم من قبل سلطات حدودية البحث عن أرزاقهم بالصيد في المياه الاقليمية.



الى هذا الحد وصل الموقف من القضية الفلسطينية والتعامل معها في العالم العربي، وبالأخص من دولة حدودية يجمعها مع القطع أمنا مشتركا يمثل لها عمق الأمن القومي العربي، كل ذلك وسط ترحيب اسرائيلي لافت، ودعم أمريكي واضح بأن الخطر هو المقاومة الفلسطينية، أمام مباحثات في جنح الظلام تقوده حكومة الكيان مع سلطة رام الله، وكأن التآمر على القضية الفلسطينية تتكامل حلقاته من أطراف شتى محلية وإقليمية ، ويقول المرء بأسى عربية ودول حدودية.



لقد أرهقت مباحثات التسوية الفلسطينيين منذ العام 1991ولم تقدم لهم سوى مقاطعة في الضفة الغربية، ليست عصية على الاحتلال ذاته، وهو ما قدمه الصهاينة أنفسهم عندما حاصروا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في مقاطعة رام الله، وقطعوا عنه الكهرباء، الى أن لقى حتفه بسم قاتل، لايزال يدين الصهاينة بالدرجة الأولى، ويلعن معه قاتليه سواء كان في الداخل أو الخارج.



التآمر على القضية الفلسطينية لم يكن وليد اليوم أو الأمس القريب، ولكنه كان وليد الأمس البعيد، عندما تمت المتاجرة بأراضي فلسطين وتم بيعها لليهود بأثمان بخسة، فكانت الخيانة والتي توارثها البعض الى يومنا لذبح القضية الفلسطينية مرة بسكين المفاوضات، ومرة أخرى بسكين التشوية والتضليل والتدليس، وأخيرا بسكين الاعلام وشيطنة الفعل المقاوم ذاته، ما يفقده هدفه الأساسي وهو مقاومة الاحتلال، الى أن كانت الفجيعة الكبرى بمخاوف تنتاب أبناء قطاع غزة في أن تشن ضدهم يوما ما طائرات ليست إسرائيلية، ولكنها من بني وطنهم وعروبتهم وعمقهم الاسلامي.



هو تغيير في الاهتمام بالقضية الفلسطينية اذن من قبل بعض الدول العربية والإسلامية، سواء في بنية تفكيرها أو عقيدتها الأمنية، بعدما أصبحت المقاومة بمثابة الشيطان الذي يجب محاربته، وأنهم يستحقون الابادة على أيدي الصهاينة، غير أنه في المقابل فان الرأي العام العربي والاسلامي لايزال داعما للقضية الفلسطينية، مقدرا للمقاومة دورها في الدفاع عن وطنها وكرامتها، بل ورفع الحرج عن كل المتخاذلين عن دعم قضيتهم المركزية. والمؤكد أن هذا الدعم الشعبي هو الأقوى من أي ارادة أخرى متخاذلة، وان تباينت مقدراتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق